المقاومة الكاثوليكية لألمانيا النازية
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
كانت المقاومة الكاثوليكية لألمانيا النازية إحدى مقومات مقاومة النازية خلال الحرب العالمية الثانية. أثار دور الكنيسة الكاثوليكية في فترة النازية جدلًا واسعًا بين المؤرخين. إذ يرى العديد من المؤلفين مثل كلاوس شولدر أن: «المقاومة الكاثوليكية لم تكن موجودة في ألمانيا بصفة رسمية، بل كان الكاثوليكيين أنفسهم هم من اضطلعوا بالمقاومة».[1] إذ أن سياسة الفاتيكان المحايدة كانت تعني أن البابا لم يدفع الكاثوليك إلى الانحياز لصف الاشتراكية القومية أو مبادئ الأخلاق الكاثوليكية، حتى أن البابا بيوس الثاني عشر حينها أصر على أن البلشفية تشكل أكبر تهديدًا للعالم قائلًا: «ألمانيا أمة عظيمة، وهي في حربها ضد البلشفية لا تنزف الدماء من أجل أصدقائها فقط بل من أجل أعداءها كذلك».[2] كتب بيوس الثاني عشر خطابًا إلى الأسقف برسينغ عام 1941 وقال فيه: «نظرًا إلى أن مصير الكنيسة في ألمانيا يتوقف على سلوكك العام، نهيب بك وبزملائك الالتزام بضبط النفس عند إلقاء التصريحات العلنية، والامتناع عن الاحتجاج».[3]
منذ بداية الحكم النازي عام 1933 برزت عدة قضايا تورطت بسببها الكنيسة في خلافات مع نظام الحكم، وأفضى اضطهاد النازيين للكنيسة بالبابا بيوس الحادي عشر إلى ذم سياسات الحكومة النازية في المذكرة البابوية التي كتبها عام 1937 بعنوان «Mit brennender Sorge». واجه خليفته، بيوس الثاني عشر، أعوام الحرب وشارك في أعمال تجسس لصالح الحلفاء ضد الحكومة النازية. حارب الكاثوليكيين لصالح كلى جانبي الحرب، ولم تكن المؤسسات الكاثوليكية أو البروتستانتية على استعداد لمناهضة الدولة النازية علنًا.
قدرت إحدى الإحصاءات أن ثلث القساوسة الألمان الكاثوليك تعرضوا لشكل من أشكال الأعمال الانتقامية من السلطات النازية، وأُرسل الآلاف من رجال الدين الكاثوليكيين إلى معسكرات الاعتقال. اُحتجز 2,579 قس كاثوليكي في ثكنات القس داكاو من بينهم 400 من الألمان. ورغم أن كبير الأساقفة الألمان كان يتجنب مواجهة النظام، انتقد أساقفة آخرون مثل برسينغ وفرينغز وغالين جوانب النازية من منظور كاثوليكي.[4] قاد غالين احتجاجًا على حملة الموت الرحيم القسري التي قادها النازيون.[5]
اقتصرت معارضة الكاثوليك لاضطهاد اليهود على جهود ذاتية فردية مشتتة.[6] ورغم ذلك لعب القساوسة دورًا هامًا في تهريب اليهود وإنقاذهم في جميع الدول التي غزتها ألمانيا.[7] قدر المؤرخ الإسرائيلي بينتشاس لابيد عدد اليهود الذين أنقذهم رجال الدين الكاثوليك بنحو 700,000-860,000 فرد.[8] ومن بين أولئك الذين قُتلوا على يد النازيين لدورهم في مساعدة اليهود: القديس ماكسيميليان كولبي وجوزيبي جيروتي وبرنارد ليختنبرغ. ومن أبرز شبكات الكاثوليك لإنقاذ اليهود وغيرهم: «خط هروب روما» التي دبرها القس الأيرلندي هيو أوفلاهيرتي، وشبكة أسيسي في إيطاليا، ومنظمة جيكوتا في بولندا.
تفاوتت العلاقات بين حكومات المحور والكنيسة. فقد ذم بعض الأساقفة معاملة النازيين لليهود ذمًا شديدًا مثل يوهانس دي يونغ الهولندي وجوزيف إرنست فان روي البلجيكي وجول جيراود سالييج الفرنسي. قاد بعض الراهبات حملات المقاومة ضد النازيين كذلك مثل مارغيت شلاختا ومارتيلدا غيتر. أنقذ دبلوماسيو الفاتيكان الآلاف من الأرواح مثلما فعل جوزيبي بورتسيو في سلوفاكيا، وفيليبينو برنارديني في سويسرا، وأنجلو رونكالي في تركيا. ومن بين ضحايا النازيين المعترف بهم لدى ياد فاشيم في إسرائيل: السفير البابوي لبودابست، أنجلو روتا، وسفير بوخارست، أندريا كاسولو. كانت الحكومات القومية في سلوفاكيا وكرواتيا مؤيدة لرجال الدين، بينما كانت اضطهاد الكنيسة في المناطق التي ضمتها ألمانيا النازية في سلوفينيا والتشيك والنمسا وبولندا شديدًا للغاية، وشكل الدين الكاثوليكي جزءًا لا يتجزأ من المقاومة البولندية.