قضية البطاقات
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
كانت قضية البطاقات (بالفرنسية: Affaire des fiches)، والتي تسمى أحيانًا قضية الكسرولة (بالفرنسية: Affaire des casseroles)، فضيحة سياسية وقعت في فرنسا في عام 1904، خلال عهد الجمهورية الفرنسية الثالثة. كانت القضية تتعلق بعملية إصدار أضابير سياسية ودينية سرية داخل الجيش الفرنسي بمبادرة من الجنرال لويس أندريه، وزير الحرب، في السياق الذي أعقب قضية دريفوس واتهامات بتوجه مناهض للجمهورية وجهها يساريون وراديكاليون ضد فيلق الضباط في الجيش الفرنسي (الذي كان في تلك الآونة أضخم جيش بري في أوروبا) الذين اتُهموا بأنهم المعقل الأخير للأفراد الكاثوليكيين المحافظين والملكيين ضمن المجتمع الفرنسي.
منذ عام 1900 حتى عام 1904، أصدر المحافظ والمحفل الماسوني التابع لمنظمة الشرق العظيم في فرنسا الماسونية وشبكات استخباراتية أخرى أوراق بيانات عن الضباط وأرسلوها إلى مكتب الجنرال أندريه لكي يقرر أي ضباط سيسمح لهم بنيل ترقيات وصعود الهرم العسكري، وأيضًا أي ضباط سيمنحون أوسمة وأي ضباط سيُستثنون من الترقيات. رُفعت هذه الوثائق السرية من قبل الجنرال أندريه إلى التقارير الرسمية لقيادة الجيش، وأتاح له ذلك إنشاء نظام يضمن ترقية الضباط المفكرين الأحرار والجمهوريين والماسونيين وإعاقة ترقية الضباط الذين صُنفوا كقوميين أو كاثوليك أو كان ثمة شكوك حول تعاطف لديهم حيال أي تيار من التيارات المتنوعة للملكية. بالنسبة للشرق العظيم وحكومة أندريه، كان الهدف ضمان ولاء فيلق الضباط للنظام الحاكم للجمهورية الثالثة.
كُشفت الفضيحة إلى العلن في 28 من شهر أكتوبر من عام 1904، حين تحدى جان غويوت دو فيلينوف الحكومة في غرفة النواب وكشف نظام البطاقات الذي كان الجنرال أندريه والشرق العظيم قد أقاماه وقدم كدعم لاتهاماته ملفات كان قد جرى شراؤها من جان بابتيست بيديغاين، نائب الأمين العام لمنظمة الشرق العظيم. في البداية نفى الوزير أن لديه أية معرفة بأفعال كهذه، إلا أنه خلال اجتماع عقد في 4 من شهر نوفمبر من عام 1904، أبرز غويوت دو فيلينوف وثيقة تدين أندريه بشكل مباشر، كان الاجتماع عاصفًا ووجه النائب القومي غابرييل سيفيتون صفعة إلى وزير الحرب، الأمر الذي أفضى إلى عراك على الأرض.
كان لهذه الفضيحة أهمية كبرى على السياسة الفرنسية. وتتالت التقلبات والمنعطفات التي شهدتها القضية لأشهر عديدة، في حين نشرت الصحافة بشكل منتظم الملفات التي كان ثمة نزاع حولها. وعلى الرغم من دعم جان جوريس من الحزب الاشتراكي الفرنسي وتكتل اليساريين الجمهوري، سقطت حكومة إيميلي كومبس في 15 من شهر يناير من عام 1905 جراء الضغط الذي أثارته القضية. أدانت حكومة موريس روفيير، التي خلفت حكومة كومبس، هذه القضية بشكل رسمي وأعلنت عقوبات رمزية وسعت وراء سياسة إعادة تأهيل. وعلى الرغم من ذلك، استمر نظام البطاقات حتى عام 1905، والذي لم يعد يستند على التجسس من قبل منظمة الشرق العظيم بل على معلومات إقليمية وبات هذا النظام ينال دعمًا عبر ممارسة الضغط السياسي. في عام 1913، وضع وزير الحرب أليسكاندر ميليراند نهاية لهذا النظام بشكل حاسم.
تسبب نظام الأضابير السياسي هذا، إضافة إلى تسببه بأزمة سياسية وأخلاقية ضمن حلقات قضية دريفوس، التي كانت منقسمة حول منح الأولوية للدفاع عن الجمهورية الفرنسية الثالثة وحماية حرية الفكر للجميع (من بينهم أولئك الذين يختلفون معهم)، أيضًا بإضعاف القيادة العليا للجيش الفرنسي، بسبب ما يزيد عن عشرة أعوام من التمييز في ترقية الضباط، الأمر الذي كان له تبعات كان من الصعب تقييمها خلال الشهور الأولى من الحرب العالمية الأولى.