سدانة الكعبة
مفتاح الكعبة / من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
سدانة الكعبة هي مهنة قديمة تختص بالعناية بالكعبة والقيام بشؤونها من فتحها وإغلاقها وتنظيفها وغسلها وكسوتها وإصلاح هذه الكسوة إذا تمزقت واستقبال زوّارها وكل ما يتعلق بذلك.[1] منذ أكثر من 16 قرناً أي قبل بدء الإسلام اختص أحفاد قصي بن كلاب بن مرة بسدانة الكعبة، ومن نسلهم أبناء آل الشيبي سدنة الكعبة الحاليين.[2]
منذ بناء إبراهيم الكعبة، كانت السدانة بيد ابنه إسماعيل، الذي تولى رفع القواعد من البيت مع والده إبراهيم كما قال الله ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ١٢٧﴾.[3] ثم اغتصبها منهم جرهم، ثم انتزعتها خزاعة، ثم آلت إلى قصي بن كلاب وهو من أبناء إسماعيل، وهو الجد الرابع للنبي محمد، ثم صارت من بعده في ولده الأكبر عبد الدار، ثم صارت في بني عبد الدار جاهلية وإسلاماً، ولم تزل السدانة في ذريته حتى انتقلت إلى عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد الله بن عبد العزى بن عثمان ابن عبد الدار بن قصي،[4] منذ أن أعاد لهم النبي محمد مفاتيح الكعبة لهم، وقال: «خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم».[5]
كان عثمان بن طلحة سادن الكعبة، فلما دخل النبيُّ مكة يوم الفتح، فطلب النبي محمد المفتاح، فجيئ بالمفتاح فتنحى ناحية المسجد فجلس النبي محمد وقد قبض السقاية وسدانة الكعبة من العباس وأخذ المفتاح من عثمان، فدخل النبي البيت وصلى فيه ركعتين، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ليجمع له بين السقاية وسدانة الكعبة، فأنزل الله هذه الآية من القران الكريم: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ٥٨﴾[6] (سورة النساء، الآية 58). فلما جلس رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: « ادعوا إلي عثمان» فدعي له عثمان بن طلحة، وقيل أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال لعثمان وهو يدعوه إلى الإسلام ومع عثمان المفتاح فقال: لعلك سترى هذا المفتاح بيدي أضعه حيث شئت»، فقال عثمان: «لقد هلكت إذا قريش وذلت». فقال رسول الله محمد (صل الله عليه وسلم): «بل عمرت وعزت يومئذ ». فلما دعاني بعد أخذه المفتاح ذكرت قوله ما كان قال. فأقبلت فاستقبلته ببشر واستقبلني ببشر. ثم قال: « خذوها يا بني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها إلا ظالم يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته. فكلوا بالمعروف». قال عثمان: « فلما وليت ناداني فرجعت إليه. فقال: « ألم يكن الذي قلت لك؟» فذكرت قوله لي بمكة فقلت: بلى، أشهد أنك رسول الله " فأعطاه المفتاح.[7][8][9][10]
وجرت العادة أن يوضع مفتاح باب الكعبة لدى أكبر السدنة سناً، ويسمى السادن الأول، وعند فتح الكعبة يشعر السادن الأول جميع السدنة الكبار منهم، بوقت كاف ليتمكنوا من الحضور جميعاً إن أمكن ذلك أو بعضهم ليقوموا بغسلها بمعية ولي الأمر والأمراء.[11]
للسدانة مصطلحات أخرى مرادفة لها، والناس تستعمل هذه المصطلحات على السواء، وهذه المصطلحات المرادفة هي، الحجابة، والخِزَانَةُ. وهي في اصطلاح الإسلام : ولاية مخصوصة، لقومٍ مخصوصين، لشيءٍ مخصوص. فالمقصود بالولاية : خدمة الكعبة، وكِسْوتها، وتولي أمرها، وفتح بابها وإغلاقه، وهي مقدَّرة شرعاً لأناس مخصوصين.
كانت السدانة والحجابة حقا شرعيا لذرية أبي طلحة انطلاقا مما نص عليه الحديث عن النبي محمد: (خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم) والحديث رواه الطبراني في المعجم الأوسط، واستمر هذا الإرث الإسلامي حتى دخول الدولة السعودية الأولى عام 1210هـ فتعززت مكانة بني شيبة والتزمت الدولة السعودية بوصية النبي واستمرت السدانة متوارثة في بني شيبة إلى وقتنا الحالي.[12][13]